الجمعة، 29 أبريل 2011

هناك... وهنا....


هناك... وهنا....


هناك .. في مهب الريح ترتسم الصور .. في الأفق على الرمال في ضوء القمر ..
وفي سطور الموج أتوه أتوه في هذا السفر .. وتميد بي الرؤيا هنا ولست أدري ما الخبر ..
هناك .. ما بين أسئلتي والإجابة .. تنشق الثواني ويتسع الغياب .. فأمسح الذكرى بأحذية الخرس ..
هناك .. قلبي كرة تشاط ولم تقاوم .. وحبي انهيار روحي في هوة ليس لها من قرار ..
وفي الشرايين بركان دموي مقهور ..
هناك .. ينتعل الخيال حروفي .. وتحيى الخرافة .. في حين تندثر الحصافة ..
هناك .. لوح محفور بالذاكرة على عرض قبلة .. مكتوب عليه .. هنا تموت البداية وتعتلي العرش النهاية ..
هناك .. أكتب أحلامي .. وأشواقي .. وآمالي .. وما أدراك .. ربما أدونها على ثغر تفتح بالكرز ..
هناك .. تقدمين خمورك كلها .. أشربها ويضيع العـالم من حولي ..
هناك .. لا شيء يعرفني .. فلا خيل ولا ليل ولا بيداء .. هناك فقط .. تعرفني الآهات والانتظار والألم ..
هناك .. تلبسين الغيب .. ولا أعرف ماذا تفعلين .. كل ما أعرفه .. أنني أموت أموت أموت .. وأنت تعلمين ..
هناك .. أقدمك لنفسي .. وكما أريد .. وأقدم أكواب همسي .. ودفئي ..
ويفيض موج القلب في أغصانه .. والروح تشرق من يدي ..
هناك .. ينعم غيري بأحلامي .. وأشقى هنا ..
هناك .. تبزغين من ظلمات الغيب لقلبي .. ويفوح ماء الياسمين ..
فتثور هنا أعراس روحي .. وليت يتسع الحنين ..
هناك .. لولا وجودك ما كتبت .. ولا أكلت ولا شربت .. لولا وجودك ما نطقت ..
هناك .. دقت الساعة هنا .. فانتبذت بك وبما لدي من
تأملات ..كان حلما لقاؤك .. لا شيء يتم على ما يرصد له من
طقوس .. والموسم منوط بالحصاد .. لذلك أرى هناك أحلى حتى وإن
كنت بين يدي ..
هناك .. داخلي .. أدمنت التذوق .. حتما أرى النكهة داخلك
أشهى .. أسرح بها .. أتوه في لمساتها وهي تدغدغ مشاعري
والحواس ..

هناك .. عندما اندفعت المناسك ..كم تلعثمت اللغة على
طرف اللسان .. واشرأبت الحروف .. هو الارتباط إذن .. مناسك
وطقوس .. دائما ، لا أدري من أين أبدأ إذا ما التقينا ..

هناك .. لا حاجة لوجودي هنا .. فلن أبرح الأرض التي لم
تبق يوما مخلفة .. كنت لا أصدق الثمر على الشجر .. لكنما
صدقت ذاتي عندما نمت بها بعد غياب .. وصدقت لساني عندما
تذوق طعم الأنوثة .. واحتقن الدم .. وسافرت الروح ..

هناك .. لم تغب عني أشياؤك .. أذعنت في تيهي ولم أكتف
بالحدس .. نازعني نقصي فاحترفت الاشتهاء .. كان سرابا ذلك
العمر الطويل ..

هناك .. كنت في جفنيك .. تقلبت في عيون الآخرين .. ولا
مجيب .. وقتها رأيت غربتي .. فاشتقت إليك ..

هناك .. أدركت سر انشغالك بي هنا .. فأدمنت الطموح .. لا شيء
يغرق في المساء سوى النهار .. وأنا أذوب كحبة ملح في ملفات الغياب .. وفي النهار ..

هناك .. مرات أركب جفني .. يطير بي حيث أريد .. ومرات أركب شفتي .. تحط بي على طرف شفة ..
أو على خدود ارتوت من بركان دموي منثور .. ومرات أركب الخيال فيجنح بي إلى عاج خمري مكسور ..

هناك .. لم أدر ماذا كتبت لي هنا .. وكيف كانت المحادثة .. ولم أر تراكم الحروف .. على شفتي ..
إنها المطر .. أما شفتيك .. فآمل أن لا يسقط عليها سوى قبلتي ..

هناك .. دعيني ألملم ما تبقى لي هنا .. وأجيء إليك .. أشعث
أغبر .. لا يهم .. إنما أخاف من حل وسط .. ترتسم به الخطوط
الحمر .. فلا تجرؤ على اقتحامها الرجولة .. ولا يهتك مسارها
الخجل ..

هناك .. وحيدا لم أزل .. كم اشتهيت الأشياء وهبت
المتابعة .. لم ألاحقها إلا معك .. أنت العنب .. أما النواطير
فلم أر منهم من يستحق التوقف ..

هناك .. لم أجدك .. فلجأت لأوراقي وقلمي وسيجارتي .. ذهبت
والدخان المتلاشي إلى هنا .. حيث وثقت اعتمادك .. ودونت
أفكاري .. لم يقع حرف في الفضاء دون أن تلمسيه .. ثمة أمور
باقية تستغيث الانتظار..

وهنالك..
لا الفضاء الرحب يهديني إليك
لا ولا هذي التي بين يدي........

هناك .. بقيت أشيائي .. وبقيتي .. للبقايا حق اتباع
أشيائها .. تماما كما للأم حق اتباع الطفولة .. ثمة اتجاه
معاكس في اللغة ، أراه بك .. وأنت تحاولين العبث بأشيائي
هنا ..

هناك .. لك أن تسأليني ما شئت .. كم أحب الإجابة على
استفساراتك لي هنا .. إنما هو البخل عند التقاء الجفون .. وانهمار الأحاسيس إذا ما بدا المنخفض ..

هناك .. آتيك في هلام متخيل .. أما أنت فتأتين طيفا متصورا
لي هنا .. ولا فائدة .. إذا ما بقيت هناك .. وأنت تبقين
هنا ..

هناك .. أمشي وراءك كما تمشين أمامي هنا .. فاهدأي .. أهوى
التوقف قليلا في محطات الهوى ..

هناك .. كنا نرى الأشياء حولنا .. نسألها فلا تجيب .. كانت
عقارب ساعتها تشير إلى الفراغ دائما .. أحيانا كنت أراك
واقفة على مرمى الجسد .. أما صورتك .. فكانت تتربع بروازا
تزخرفه الحواس .. وكم اقتربت من صوتك حتى بدا لي جليا على بعد
شفة ..

هناك .. أكره الحقيقة .. فأهرب إلى هنا .. أسافر
والخيال .. أحاول لمس ثوبك العاجي .. فألتقط الفراغ ..

هناك .. لا شيء يحترم الضيافة إلا الثواني والعطور .. فاختفي أو أدرك جفنا أراه يعتصر المعاني والسطور ..

هناك .. لا مكان لي .. لا مكان للرؤى .. للخطى .. فدعيني أركب
المدى .. وأحلم باختلاف الأحجية .. واختلاف الهمسات واللمسات .. وأحلم باختلاف ناس الأمسية ..

هناك .. ضاق صدري .. أنا ما سئمت انهيار القلب .. ولا كرهت صلب الروح ..
إنما كرهت ترجمة المشاعر والحنين إلى كلمات وحروف ..

هناك .. أنا ما مددت يدي .. لكنني تحسست الخد المحجر بالورود .. وكل ما امتلك القوام ..

هناك .. لا شيء يعدل في عيني الجمال .. فلا بديل عن المفاتن والنظر .. وخلاف ذلك .. كل ما في الكون شح ..

هناك .. وتسأل كيف أضاع شمشون دليله .. وربك ما الدنيا سوى كنز من الرشفات وامرأة خجولة ..

هناك .. أنا لا أفهم في التاريخ شيء .. ولا أفقه تضاريس الغيوم ..
وأجهل المناخ .. ولا أعرف في هذا الكون من شيء سواك ..

هناك .. أشغل انفلات المساحة .. ويضيق الكون يضيق الكون في جفني ولا أحصي انهيار الملاحة ..
كم هو القحط شديد في خدود تشتكي افتقار الفلاحة ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

محمد ابوزيد

سيرة ذاتية | أعلن لدينا | اتصل بنا
مدونة رشيد © 2009-2005 | جميع الحقوق محفوظة | تصميم وتطوير : رشيد